من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى كل من يحب أن يصلي كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عملا بقوله صلى الله عليه وسلم : صلوا كما رأيتموني أصلي - رواه البخاري - .
1 - يسبغ الوضوء وهو أن يتوضأ كما أمره الله عملا بقوله سبحانه وتعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وقول النبي صلى الله عليه وسلم : لا تقبل صلاة بغير طهور .
2 - يتوجه المصلي إلى القبلة وهي الكعبة أينما كان بجميع بدنه ، قاصدا بقلبه فعل الصلاة التي يريدها من فريضة أو نافلة ، ولا ينطق بلسانه بالنية ؛ لأن النطق باللسان غير مشروع ؛ لكون النبي صلى الله عليه وسلم لم ينطق بالنية ، ولا أصحابه رضي الله عنهم ، ويسن أن يجعل له سترة يصلي إليها إن كان إماما أو منفردا ؛ لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك .
3 - يكبر تكبيرة الإحرام قائلا : ( الله أكبر ) ناظرا ببصره إلى محل سجوده .
4 - يرفع يديه عند التكبيرة إلى حذو منكبيه ، أو إلى حيال أذنيه .
5 - يضع يديه على صدره ، اليمنى على كفه اليسرى . لورود ذلك من حديث وائل بن حجر ، وقبيصة بن هلب الطائي ، عن أبيه رضي الله عنهما .
6 - يسن أن يقرأ دعاء الاستفتاح ، وهو : ( اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب ، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد ) .
وإن شاء قال بدلا من ذلك ( سبحانك اللهم وبحمدك ، وتبارك اسمك ، وتعالى جدك ، ولا إله غيرك ) ثم يقول : ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم ) ويقرأ سورة الفاتحة ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ويقول بعدها ( آمين ) جهرا في الصلاة الجهرية ، ثم يقرأ ما تيسر من القرآن .
7 - يركع مكبرا رافعا يديه إلى حذو منكبيه أو أذنيه ، جاعلا رأسه حيال ظهره ، واضعا يديه على ركبتيه ، مفرقا أصابعه ، ويطمئن في ركوعه ويقول : ( سبحان ربي العظيم ) ، والأفضل : أن يكررها ثلاثا أو أكثر ، ويستحب أن يقوله مع ذلك : ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي ) .
8 - يرفع رأسه من الركوع ، رافعا يديه إلى حذو منكبيه أو أذنيه ، قائلا : ( سمع الله لمن حمده ) إن كان إماما أو منفردا ، ويقول حال قيامه : ( ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماوات وملء الأرض ، وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد ) .
وإن زاد بعد ذلك : ( أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد ) فهو حسن ؛ لأن ذلك قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأحاديث الصحيحة . أما إن كان مأموما فإنه يقول عند الرفع : ( ربنا ولك الحمد ) إلى آخر ما تقدم .
ويستحب أن يضع كل منهم يديه على صدره ، كما فعل في قيامه قبل الركوع ؛ لثبوت ما يدل على ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث وائل بن حجر ، وسهل بن سعد رضي الله عنهما .
9 - يسجد مكبرا واضعا ركبتيه قبل يديه ، إذا تيسر ذلك ، فإن شق عليه قدم يديه قبل ركبتيه ، مستقبلا بأصابع رجليه ويديه القبلة ، ضامًّا أصابع يديه . ويكون على أعضائه السبعة ، الجبهة مع الأنف ، واليدين ، والركبتين ، وبطون أصابع الرجلين ، ويقول : ( سبحان ربي الأعلى ) ويكرر ذلك ثلاثا أو أكثر . ويستحب أن يقول مع ذلك : ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك . . اللهم اغفر لي ) ، ويكثر من الدعاء ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : أما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم وقوله صلى الله عليه وسلم : أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا من الدعاء . رواهما مسلم في صحيحه ، ويسأل ربه له ولغيره من المسلمين من خير الدنيا والآخرة ، سواء كانت الصلاة فرضا أو نفلا ، ويجافي عضديه عن جنبيه ، وبطنه عن فخذيه ، وفخذيه عن ساقيه ، ويرفع ذراعيه عن الأرض ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : اعتدلوا في السجود ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب .
10 - يرفع رأسه مكبرا ، ويفرش قدمه اليسرى ويجلس عليها ، وينصب رجله اليمنى ، ويضع يديه على فخذيه وركبتيه ، ويقول : ( رب اغفر لي ، رب اغفر لي ، رب اغفر لي ، اللهم اغفر لي ، وارحمني ، وارزقني ، وعافني ، واهدني ، واجبرني ) ويطمئن في هذا الجلوس حتى يرجع كل فقار إلى مكانه ، كاعتداله بعد الركوع ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطيل اعتداله بعد الركوع ، وبين السجدتين .
11 - يسجد السجدة الثانية مكبرا ، ويفعل فيها كما فعل في السجدة الأولى .
12 - يرفع رأسه مكبرا ، ويجلس جلسة خفيفة مثل جلوسه بين السجدتين ، وتسمى : جلسة الاستراحة ، وهي مستحبة في أصح قولي العلماء . وإن تركها فلا حرج ، وليس فيها ذكر ولا دعاء ، ثم ينهض قائما إلى الركعة الثانية معتمدا على ركبتيه إن تيسر ذلك ، وإن شق عليه اعتمد على الأرض ، ثم يقرأ الفاتحة وما تيسر له من القرآن بعد الفاتحة . ثم يفعل كما فعل في الركعة الأولى ، ولا يجوز للمأموم مسابقة إمامه ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حذر أمته من ذلك ، وتكره موافقته للإمام ، والسنة له أن تكون أفعاله بعد إمامه من دون تراخي وبعد انقطاع صوته ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه فإذا كبر فكبروا وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد فإذا سجد فاسجدوا الحديث متفق عليه .
13 - إذا كانت الصلاة ثنائية ، أي : ركعتين كصلاة الفجر ، والجمعة والعيد ، جلس بعد رفعه من السجدة الثانية ناصبا رجله اليمنى ، مفترشا رجله اليسرى ، واضعا يده اليمنى على فخذه اليمنى ، قابضا أصابعه كلها إلا السبابة ، فيشير بها إلى التوحيد ، وإن قبض الخنصر والبنصر من يده وحلق إبهامها مع الوسطى وأشار بالسبابة فحسن .
لثبوت الصفتين عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والأفضل أن يفعل هذا تارة ، وهذا تارة ، ويضع يده اليسرى على فخذه اليسرى وركبته ، ثم يقرأ التشهد في هذا الجلوس . وهو ( التحيات لله ، والصلوات والطيبات ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ) . . ثم يقول : ( اللهم صل على محمد ، وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم ، وآل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد ، وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم ، وآل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ) .
ويستعيذ بالله من أربع فيقول : ( اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن فتنة المسيح الدجال ) ، ثم يدعو بما شاء من خير الدنيا والآخرة ، وإذا دعا لوالديه أو غيرهما من المسلمين فلا بأس ، سواء كانت الصلاة فريضة ، أو نافلة ، ثم يسلم عن يمينه وشماله ، قائلا : ( السلام عليكم ورحمة الله . . السلام عليكم ورحمة الله ) .
14 - إن كانت الصلاة ثلاثية كالمغرب ، أو رباعية كالظهر والعصر والعشاء ، قرأ التشهد المذكور آنفا ، مع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم نهض قائما معتمدا على ركبتيه ، رافعا يديه إلى حذو منكبيه ، قائلا : ( الله أكبر ) ، ويضعهما أي يديه على صدره ، كما تقدم ، ويقرأ الفاتحة فقط . وإن قرأ في الثالثة والرابعة من الظهر زيادة عن الفاتحة في بعض الأحيان فلا بأس ؛ لثبوت ما يدل على ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي سعيد رضي الله عنه ، ثم يتشهد بعد الثالثة من المغرب ، وبعد الرابعة من الظهر والعصر والعشاء ، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، ويتعوذ بالله من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ، وفتنة المسيح الدجال ، ويكثر من الدعاء ، كما تقدم ذلك في الصلاة الثنائية . لكن يكون في هذا الجلوس متوركا ، واضعا رجله اليسرى تحت رجله اليمنى ، ومقعدته على الأرض ، ناصبا رجله اليمنى ؛ لحديث أبي حميد في ذلك . ثم يسلم عن يمينه وشماله ، قائلا : السلام عليكم ورحمة الله . . السلام عليكم ورحمة الله ، ويستغفر الله ثلاثا ، ويقول : ( اللهم أنت السلام ، ومنك السلام ، تباركت يا ذا الجلال والإكرام ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه ، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن ، لا إله إلا الله ، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ) . ويسبح الله ثلاثا وثلاثين ، ويحمده مثل ذلك ، ويكبره مثل ذلك ، ويقول تمام المائة : ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ) . ويقرأ آية الكرسي ، وقل هو الله أحد ، وقل أعوذ برب الفلق ، وقل أعوذ برب الناس ، بعد كل صلاة . ويستحب تكرار هذه السور الثلاث ، ثلاث مرات بعد صلاة الفجر ، وصلاة المغرب ؛ لورود الحديث الصحيح بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، كما يستحب أن يزيد بعد الذكر المتقدم بعد صلاة الفجر وصلاة المغرب قول : ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير ) عشر مرات ؛ لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم . وإن كان إماما انصرف إلى الناس وقابلهم بوجهه بعد استغفاره ثلاثا ، وبعد قوله : اللهم أنت السلام ، ومنك السلام ، تباركت يا ذا الجلال والإكرام .
ثم يأتي بالأذكار المذكورة ، كما دل على ذلك أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، منها حديث عائشة رضي الله عنها في صحيح مسلم . وكل هذه الأذكار سنة وليست بفريضة . ويستحب لكل مسلم ومسلمة ، أن يحافظ على اثنتي عشرة ركعة في حال الحضر ، وهي أربع قبل الظهر ، وثنتان بعدها ، وثنتان بعد المغرب ، وثنتان بعد صلاة العشاء ، وثنتان قبل صلاة الصبح ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحافظ عليها ، وتسمى الرواتب . وقد ثبت في صحيح مسلم ، عن أم حبيبة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من صلى اثنتي عشرة ركعة في يومه وليلته تطوعا بنى له بيتا في الجنة .
وقد فسرها الإمام الترمذي في روايته لهذا الحديث بما ذكرنا . أما في السفر فكان النبي صلى الله عليه وسلم يترك سنة الظهر والمغرب والعشاء ، ويحافظ على سنة الفجر والوتر ، ولنا فيه أسوة حسنة ، لقول الله سبحانه . لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ وقوله عليه الصلاة والسلام صلوا كما رأيتموني أصلي والله ولي التوفيق . . . وصلى الله وسلم على نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين .